الأندلس الآن هي أسبانيا و البرتغال أو ما يسمى بشبه الجزيرة الأيبيرية ، و مساحتها 600 ألف كيلومتر مربع.
لماذا سميت بلاد الأندلس بهذا الإسم؟
سكن في الأندلس منذ القرن الأول الميلادي بعض القبائل الهمجية التي جاءت من شمال اسكندنافيا (السويد و الدنمارك و النرويج) و يقال أن هذه القبائل جاءت من ألمانيا. بصرف النظر عن مجيئها و لكن هذه القبائل كان يطلق عليها اسم قبائل الفاندال و تسمى بالعربية قبائل الواندال و سميت هذه البلاد بفانداليسيا ثم حرف هذا الإسم إلى أندليسيا و قد كانت هذه القبائل قبائل وحشية حتى أنه كان من المعروف أن أحوال هذه القبائل قد انصلح بعد دخول الإسلام.
خرجت هذه القبائل من الأندلس و حكم الأندلس قبائل أخرى من النصارى عرفت باسم قبائل القوط الغربيين و هم الذين كانوا يعيشون في الأندلس عند دخول المسلمين.
و لكن ما هي الأسباب التي دعت المسلمين إلى فتح الأندلس في هذا الوقت بالذات؟
ذهبوا إلى الأندلس لأن المسلمين كانوا قد وصلوا إلى المغرب الأقصى في الفتوح و بعد المغرب الأقصى يوجد المحيط الأطلسي فإمّا أن تتجه شمالاً و تعبر مضيق جبل طارق و تدخل إلى بلاد الأندلس و إمّا أن تنزل جنوباً في الصحراء الكبرى.
المسلمون ليس همهم جمع الأراضي و الممتلكات فالصحراء الكبرى قليلة السكان جداً فكان همهم (البشر) حتى يعلموهم دين الله سبحانه و تعالى. فلمّا انتهوا من المغرب انتقلوا إلى الدولة المجاورة مباشرة و لمّا انتهوا من الأندلس غنتقلوا إلى الدولة المجاورة و هي فرنسا.
في أي زمان فتحت بلاد الأندلس:
هذه الفترة من فترات بني أمية و بالذات في خلافة الوليد بن عبد الملك و هو الخليفة الأموي الذي حكم من سنة 86 و حتى سنة 96 و فتحت الأندلس سنة 92 هـ . و كثير من البلاد فتحت في عهد الدولة الأموية و منها ليبيا و حتى أواخر المغرب، نعم لقد بدأت الفتوح في هذه البلاد في عهد عثمان بن عفّان لكن كثيراً من البلاد ارتدت عن الإسلام بعد ذلك و أعيد فتحها في عهد الدولة الأموية و فتحت أيضاً أفغانستان و جمهوريات جنوب روسيا.
دوّنت السنة و رغّب في الجهاد في عهد بني أميّة. فكان المسلمون يخرجون للجهاد صيفاً و شتاءاً كأمر طبيعي و كأنهم يخرجون إلى أعمالهم.
حكمت دولة بني أمية من سنة 40 إلى سنة 132 هـ .
آخر 7 سنوات فقط من عهد بني أمية هي التي حدثت فيها فتن و حياد عن منهج الله سبحانه و تعالى. و بذلك تحققت سنة الله سبحانه و تعالى في أرضه و انتقلت الخلافة من بني أميّة إلى بني العباس.
و لكن ما هي حالة أوروبا عند الفتح الإسلامي؟
كانت تعيش أوروبا فترة من فترات الجهل و ظلم من الحكّام للمحكومين و تعيش الشعوب في بؤس كبير. اهتمّوا كثيراً ببناء القصور و القلاع و الحصون بينما يعيش الشعب في فقر شديد. الناس الذين كانوا يزرعون الأراضي كانت تباع و تشترى مع الأرض و هناك انتهاك للحرمات، و أخلاق متدنيّه. و حتى أبسط مباديء النظافة لم يكونوا يتبعونها فكانوا يتركون شعورهم تنسدل على وجوههم و يتركون الأوساخ على أجسامهم و يعتقدون أنها بركة.
أما المسلمون الذين صعدوا إلى اسكندنافيا ذكروا : أن الناس كانوا يتفاهمون بالإشارة و ليست لهم لغة يتحدثون بها. و كانت لهم بعض تصرفات الوثنيين من حرق للمتوفي و حرق زوجته أو جاريته أو من يحبهم معه و ذلك أمام الناس و هم يشاهدون و يتفرجون.
دخل الإسلام إلى الشمال الإفريقي من سنة 23 هـ لكن كانت دائمة الإرتداد عن دين الله سبحانه و تعالى. يسكن هذه المناطق قبائل ضخمة جداً هي قبائل البربر. و قبائل البربر كلما أسلمت ارتدت، حتى استقر الإسلام في النهاية في أواخر 85 أو 86 هـ على يد موسى بن نصير رحمه الله.
ما هي المشاكل التي واجهت موسى بن نصير لفتح بلاد الأندلس؟
· المسافة بين المغرب و الأندلس 13 كيلومتر على الأقل و ليس عند المسلمين سفناً كافية لتخطي هذه العقبة المائية الكبيرة. فمعظم فتوحات المسلمين كانت برية. لهم بعض المواقع البحريّة مثل موقعة ذات الصواري أو فتح قبرص لكن ليست لهم سفناً ضخمة تحمل جيوشاً تعبر بها مضيق جبل طارق في هذا الوقت.
· أن جزر البليار و هي تقع شرق الأندلس هي من قبل الروم النصارى، و لو دخل موسى بن نصير إلى الأندلس ستكون هذه الجزر في ظهره. و قد تعلم أن يحمي ظهره حتى لا يقع في أخطاء السابقين.
· ميناء سبتة لم يفتح حتى الآن و يحكمه رجل يدعى يوليان أو جوليان و هو رجل نصراني له علاقات طيبة بملك الأندلس الأسبق الذي يدعى غيطشة. ........... و قد حدث إنقلاب على غيطشة و تولى الحكم رجل اسمه رودريك التي أصبحت في العربية لوذريق. .... لم يطمئن موسى بن نصير إلى التحالف مع يوليان رغم أن يوليان كان على خلاف مع لوذريق لأنه لا يضمن أن يتحالف يوليان مع لوذريق في مقابل مادي و ما إلى ذلك.
· قوات المسلمين الفاتحين التي جاءت من الشام و من الحجاز و اليمن و العراق و مصر كانت قوات محدودة قليلة و هي منتشرة في كل الشمال الأفريقي فكيف يأخذ كل هذه القوات و ينتقل إلى منطقة الأندلس.......... لو حدث هذا يمكن أن تنقض عليه بلاد الشمال الأفريقي و قد لا يستطيع فتح بلاد الأندلس.
· أن قوات النصارى في الأندلس كان عددها ضخماً جداً و عدة كبيرة و قلاع و حصون.
· أن أرض الأندلس بالنسبة لموسى بن نصير و من معه كانت مجهولة تماماً. و إن كانت الأنباء تترامى أن هذه البلاد صعبة جداً جداً في الفتح لطبيعتها الجبلية مع حركة الجيوش في هذه الآونه بالخيول و البغال و أيضاً بها أنهاراً كثيرة و بحيرات كثيرة. ..... و قد تكون لديه مشاكل أخرى لفتح الأندلس و لكننا لا نعلمها، و مع ذلك فهو يصر على فتح بلاد الأندلس.
بدأ موسى بن نصير رحمه الله في أناة شديدة يرتب هذه الأمور:
أولا:
بدأ في إنشاء السفن و الموانيء. بنى أكثر من ميناء في منطقة الشمال الأفريقي و أشهرها ميناء القيروان. كان العمل يحتاج إلى وقت طويل جداً و لكن موسى بن نصير كانت لديه همه عاليه.
ثانياً:
بدأ يعلم البربر الإسلام في مجالس خاصة و بدأ يكون فرقاً من البربر لتكون هي جيش الإسلام
ثالثاً:
ولى طارق بن زياد قيادة الجيش الإسلامي المتجه إلى فتح بلاد الأندلس... و قد جمع طارق بن زياد بين التقوى و الورع و الكفاءة الحربية و الجهاد في سبيل الله و الرغبة في أن يموت في سبيل الله و هو بربري ليس بعربي.
رابعاً:
فتح طارق بن زياد جزر البليار لحماية ظهره من ناحية الشرق. حيث أن جزر البليار تقع شرق بلاد الأندلس في البحر المتوسط. .... بقيت عنده عدة مشاكل : منها مشكلة سبتة و واليها يوليان . و سبته هذه : ميناء حصين جداً. و قد حل مشكلة الجيش من البربر و حل مشكلة السفن نسبياً في وقت قليل. و لا يزال يجهل طبيعة أرض الأندلس